خطيئة الكوتا النسائية في قانون الإنتخابات في لبنان

Wednesday, November 16, 2011 0 comments


تعكف الحكومة اللبنانية على نقاش قانون جديد للإنتخابات اللبنانية، وهذا أمر اجابي جداً على أمل أن يرى القانون النور قريباً بدل الإنتظار إلى ما بعد ساعة الصفر كما جرت العادة.

ليس خافياً على من أكرمني بقراءة مقالاتي السابقة انني لست من المتحمسين للمنهجية المعتمدة كأساس للقانون الجديد رغم طابعها الشعبوي. في مقال "هل تنجح النسبية في لبنان" أشرت أن النسبية مخفوقة مع نظام برلماني على قاعدة محاصصة مذهبية قد تنعش المؤسسة التشريعية قليلاً لكنها تقضي على السلطة التنفيذية تماماً. وقبل أيام علقت على أسطورة فصل النيابة عن الوزارة في مقال "نائب مع وقف التنفيذ". بالأمس كانت الكوتا النسائية أبرز ما استوقفني في نقاشات مجلس الوزراء، لا لأنها مفاجئة بل لأنني لا أجد سبباً وجيهاً للدفاع عنها.

أي سيدة تصل إلى المجلس النيابي عبر كوتا، ستعطي إنطباع أنها وصلت بسبب الكوتا. جميعنا يعلم أن المرأة اللبنانية لديها من الكفاءة ما يكفي لتستحق النيابة، وأنا أريدها أن تصل لهذا السبب. أن تكسر إحتكار الرجل للسلطة لا أن تستعطفه من أجل فتات منصب

الحجة المتداولة أنه في بلدٍ تحكمه وتتحكم به زعامات بعدد أصابع اليد الواحدة، يصعب على المرأة أن تصل إلى مراكز القرار. والسؤال هنا، وهل الأمر أسهل على الرجل؟ هل المشكلة هي فعلاً أن النظام السياسي اللبناني نظام رجولي أم أنه ببساطة نظام أقطاب؟ إذاً فالرجل والمرأة سواء على هذا المستوى. إذا اردتم كوتا نسائية كي يصل صوت المرأة فنحن نطالب بكوتات رجالي ستاتي وللادي توصل أصوات كل شرائح المجتمع المغيبة أصلاً عن الحدث.

ثم إلى أي مدى يمكن الحديث عن إنجاز إذا دفعنا الزعامات السياسية إلى ترشيح سيدة لتمثيلهم بدل اختيارهم لرجل؟ إذا كانت الخيارات النسائية ستكون من طرازعلوش - شكر، فلا اتمنى للحركة النسائية هذه الآخرة. لقد دأب بعض السياسيين على تضمين كتلهم النيابية مرشحات أفاضل، وأترك للحركة النسائية عملية تقييم تلك التجربة.

ثم أليس في الكوتات عاملاً مقيداً لحرية الاختيار؟ وهو مبدأ مقدس في أي إنتخابات، أو هكذا يجب أن يكون. ماذا لو وجد مرشحين في دائرة إنتخابية فيها مقعدين نيابيين وكلاهما الأجدر في الوصول للنيابة؟ هل نفرض على الناخبين حذف احدهم لمصلحة أي إسم نسائي ولو كانت غير جديرة لتولي المنصب؟ هل في ذلك مصلحة للبنان أو للحركة النسائية في لبنان؟ الكوتا النسائية تعطي الإنطباع: "يللا حرام خلينا ننتخبها" وما نريده بالمقابل هو قناعة الناخب: "سأنتخبها لأنها تستحق أن تمثلني"

للمرأة في لبنان حقاً في الترشح والإنتخاب، كما بإمكانها قيادة سيارتها إلى مكان الإنتخاب دون الحاجة لولي أمرٍ يصحبها حيثما ذهبت. وهي بذلك مساوية للرجل وتمتلك العناصر المطلوبة لتنتزع حقوقها إنتزاعاً وبشكل كامل، لا كحصة تضاف إلى غيرها من المحاصصات المتحكمة بلعبة السلطة والمراكز. ثقتي وأملي بقدرة الحركة النسائية في لبنان على المساهمة في تغيير النظام السياسي المهترئ في لبنان قد يفوق ثقتهم هم بتلك القدرة. لذا اتمنى أن تبقى القوى النسائية الفاعلة في المجتمع المدني إلى جانب الأكثرية الساحقة الماحقة من الرجال والنساء المغيبين عن دائرة التأثير، بدل أن يتبنوا كوتا توصلهم للنيابة كشهود زور على نظامٍ يفتك بالإرادة الشعبية بكافة مكوناتها.



Share |

0 comments:

Post a Comment