نائب مع وقف التنفيذ، في دولة مع وقف التنفيذ

Saturday, November 12, 2011 0 comments


استوقفني صباح اليوم قرار مجلس الوزراء حول فصل النيابة عن الوزارة. صراحةً لم أكن يوماً معنياً بعظمة هذا الإنجاز التاريخي الإصلاحي. لأنني لا أراه تاريخياً ولا إصلاحياً بل مجرد كرنفال لبناني جديد يملأ مساحة الوقت الضائع في حرب داحس بين معسكر جعيتا ومعسكر مليتا.

وكي نضع الأمور في سياقها نتساءل: أي إصلاح يوفره فصل النيابة عن الوزارة في دولة يحكمها خمسة بالنيابة عن دول خمس والأصالة عن شعوبياتٍ شتى؟ هل كان للنائب الوزير أن يجرؤ على الفساد دون مباركة ولي أمره المفدى؟ هل يجرؤ النائب على المحاسبة والتدقيق دون كلمة سرٍ من سيده ومولاه؟ وبالتالي، إذا كان الإصلاح أساساً تحت قبضة فرسانٍ خمس أو ست، فما الفرق إذا تعددت الأدوات والموت واحد؟


هل يستطيع نائب في التيار الوطني الحر حجب الثقة عن وزير التيار الوطني الحر دون مسحة البركة الجنرالية؟ إذا أراد سعد الحريري أن يقذف فخدة الدولة إلى ذئاب فسادٍ، فهل يجرؤ نواب المستقبل على التململ؟ أليس التكليف الشرعي واحداً للنائب والوزير والمقمط بالسرير؟ هل سيغلق وليد جنبلاط حسابات دفترين في دفتر واحد أو سيمتنع نبيه بري عن المطالبة بحصته في بلد المخصصات والمناقصات المعروفة النتائج سلفاً مع الإصرار والترصد والتشدد؟

لو أرادت زعامات الطوائف إصلاح الدولة لكان بالإمكان لجم  الوزير والنائب والنائب الوزير عن الفساد، دون الحاجة للعبة بيت بيوت تشريعية على قاعدة من العب للجيبي.

 وكأن الطنبور لم يكتفي بأصوات نشازه بل زاد على انغامه نغم النائب الرديف، يجلس على كرسي الإحتياط متحيناً فرصة إعتزال اللاعب الأساسي. إذ حسب قرار مجلس الوزراء، في حال تم تعيين النائب وزيراً، فعليه الإستقالة من النيابة ويحل مكانه النائب الرديف. بمعنى آخر، النيابة الآتية من تكليف شعبي هي سلعة يستطيع النائب بيعها ثمناً لتوزيره. والسؤال هنا، وماذا لو سقطت الحكومة بعدها بشهرين، هل يعود الأصيل - حسب الإرادة الشعبية- إلى موقعه النيابي، أم أكلنا المقلب وشربنا الإنقلاب؟ وماذا لو إستقال النائب الغير موزر؟ هل يحل محله الرديف أم يتم اللجوء لإنتخابات فرعية؟

هذا التعديل، يحقق مكسباً واحداً فقط لا غير، إذ أنه يمنح الزعامات السياسية بطاقات ترضية إضافية مع تزايد الطامحين للإرتقاء من مرتبة المحازبين إلى مرتبة المستوزرين. لم يعد بإمكان متنفذ حزبي أن يحرج زعامته بنيابة ووزارة (معاً) محدثاً تململاً بين أقرانه في الحزب أو التيار. وفق القانون الجديد، سيتم تقاسم الكعكة بشكلٍ يرضي عدداً أكبر من المستنفعين. بل بات بإمكان زعيمٍ ما أن يرضي إثنين من محازبيه بدل واحد من خلال إعطاء النيابة لكل منهم لثلاث سنوات. تخيل المشهد كالآتي: نرضي حزبياً بوزارة، وآخر بنيابة وثالثهما رديفاً. ثم بعد ثلاث سنوات يستقيل النائب أو يأخذ مكان الوزير (ما أسهل التعديلات الوزارية) ويرتقي الرديف ليستحيل أصيلاً. يعني ثلاثه بواحد!

أما الإصلاح الحقيقي والمطلوب والمعروف، فهو بذاته حلماً مع وقف التنفيذ.



0 comments:

Post a Comment