سأقول كلمتي وأمشي

Friday, February 18, 2011 3 comments


*عذراً ممن وعدت أن اكتب الجزء الثاني من "تايم أوت يا ثورة". لضيق الوقت كانت الأولوية لهذا المقال (يأتي في نفس السياق) وسأحاول إتمام ذاك في أقرب فرصة.

ببوس راسك، عندما نتحدث عن لبنان، نسالي مصر وتونس وأخواتها. وانسى تشي جيفارا بيك فرد مرة. ومن الآخر حطلي خرطوشك الثوري بشي متحف وروق. 

الثورة هي نتاج تراكمات تؤدي إلى عملية جراحية موضعية. يعني فك وتركيب. بتشيل قطعة، بتركب قطعة. جرب تشوف، عطيها، شتغلت؟ يلا دعاس!

 تلوث الدم ما بتمشي معو قصة تغيير قطع. هون الموضوع صار بدو علاج، خصوصاً إذا فئة الدم نادرة لدرجي إنو ما بتلاقيها بمحل تاني، كما هو الحال مع شعب لبنان الشريد.

الثورة هي رد فعل عنيف (ليس بالضرورة دموي) يفجر الجماد الواقع على الأرض، ويحرك مياه مجتمعٍ راكد لا حياة فيه. لبنان سمالله مشعلل بلا ثورة! شو رأيك نحط "ثورة" و "رد فعل" و "عنيف" و "يفجر" في نفس الجمله إلي فيها "لبنان" و "اذار" و "إحتقان"  و..."وفول مدمس"؟ حلاوة!! منغلي مغلي، شو بأثر؟

إن أهم ما يطالب به دعاة التغيير الثوري هو أن يعيد الشعب النظر في خياراته ويلقي بأحقاده جانباً وينطلق إلى المستقبل - مش حزب المستقبل. والسؤال هنا عن مدى إستعداد التغييريين على القيام بما طالبو به. هل هم على استعداد أن يرمو أحقادهم وأحكامهم المسبقة جانباً والإنفتاح على الجميع، دون النظر بفوقية من يرى نفسه متنوراً بين تتر؟

والحال نفسه ينطبق على قبيلتي ٨ و ١٤ اذار. هل هناك أي أفق لمعركة داحس والغبراء الدائرة بين الطرفين؟ كلٌ يريد وطن على قياسه وطبعاً هوي معو حق والآخر هو الكارثة على الوطن الرحباني الحلم. يعني بسطة أوطان أشكال ألوان، شي بدو إسلامية، وشي بدو علمانية وشي فدرالية، وأنا بفضل وطن بنكهة الأناناس، شيل وحمل!

شوفو...يعني يؤسفني جداً بل ويفجعني خبر كل واحد منكن إنو التاني إلي مش عاجبو باقي بخلقتو إلى أقرب الأجلين، ثورة ما ثورة اصطفل. وحتى بعد موت  الآخر، ولادو مصطفين نفراً نفر تيضلو بخلقتك لتفقع وتسلم الشعلي لاولادك، متل ما إستلمتا أباً عن جد من قبل أيام الجبهة اللبنانية والحركة الوطنية، وما كان في بوقتا لا محكمة المستقبل ولا سلاح حزب الله ولا كنت إنت وأنا شرفنا بالسلامي. ملطوعين مع بعض بهالزاموقة. وإذا مش رح نبلش نحلا، رح إنضل بوجه بعض مشغلين تحنيقة النانا نانانا لنفطس كلنا.

طبعاً حبيبي أنا فهمان عليك...إنت عم تحلم بوطن غير...غير...بس كمان يؤسفني جداً بل ويفجعني حقاً إنو الفت نظرك لشي: إذا الآخر مش عاجبو الوطن لي على بستطك، يعني كيف بدي قلك ( تضل مهذب متل ما الماما ربتني)...بس إنو وطنك الحلم بها الحالي ما بيسوا بصلي، بعيدن عنك. كببو وفتش على غيرو، شي يعجب كل الزبائن! صدقني مش مهم إنت تقتنع، إذا مش قادر تقنع الشباب عالضفي التانية، كش ملك!

إوعك حدا يصدق إنو ثورة على طريقة مرعي بو مرعي هي الحل! حدا بيذكرو؟ بعز زحمة ٨ و ١٤ اذار، جمع ٨+١٤ وقسم على تنين ثم أعلن عن قيام حركة ١١ اذار كحل وسط، وعزم الشعب عالعشى بالوسط التجاري! هياها... خلصت! ولك كيف ما حدا فكر فيها من الأول؟!

يعني من الآخر متل ما شايف ٨ و ١٤ شغالين عياط ونطح بهالحيط، وعبث. إذا ولا بد حابب... تفضل اعلن ثورة عليهن كلن ودب الصريخ إنت التاني. من صير شي بروح عال ٨ وشي بروح عال ١٤ وشي بروح عال ٤ مثلاً. وزاد في الطنبور نغمٌ!

طيب حاجي نق يقطع عمري! شو الحل؟

شكراً على السؤال! الحل إنو تعرف شو بدك بالأول. "ما بدنا نظام طائفي!" سمعتك وفهمت عليك! بس هيدا شو ما بدك! عم بسألك شو بدك. "بدي نظام علماني!" ...مثلاً؟ يعني كيف؟ إنو ملكية علمانية بيمشي الحال؟ إمبراطورية لبنان العلمانية؟ هاي يا صاحبي متل البرامج الإنتخابية للأحزاب "الإنماء المتوازن، العدالة الإجتماعية، وبدنا نفرفش الشعب وننعنش الوطن" حلو كتير! ولكن كيف السبيل إلى وصالها دللني! 

بعد كم يوم في مظاهرة من أجل لبنان دولة علمانية! الله يوفق ولا شك، رغم إنو المفروض الله لا يوفق هيك مظاهرة علمانية لأسباب...عملانية. هلق ما بعرف كم نفر رح تضم، بس إذا حشدت منيح منيح أوعك يحمى دمك وتطالب مثلاً بلبنان دائرة إنتخابية واحدة، وانتخاب رئيس الدولة مباشرةً دون أي قيد طائفي أو صيغ خاصة! صدقني ما بيبقى مسيحي بمظاهرتك! Just so you know يعني! وهكذا دواليبيك...

لن اطرح بديلاً عن النظام القائم فقد طرحت نموذجاً عن ما لدي في هذا المقال منذ فترة. سأنتقل مباشرةً إلى منهجية التغيير.

منهجية واقعية للتغيير 

في لبنان لا يمكن الثورة على أحد. نحتاج أن ننهض مع الجميع. بتحب حزب الله أو بتكرهو، عاجبك سمير جعجع ولا بكزبر بدنك منو، مش عم نفتشلك على عروس هلق! إذا ناوي تفتح على حسابك وتقعد تقنع الشباب على الجبهتين إنو إنت أحلى وعيونك كحلا، تصبح بخير!

في مصر وتونس حكم النظام رغماً عن الإرادة الشعبية، في البحرين وليبيا حكمت الدكتاتوريات شعوبها بجيوشٍ من الباكستانيين والأفارقة. في لبنان، القيادات السياسية موجودة بإرادة شعبية، وهو أمرٌ من العبث التشكيك فيه. طبعاً للناس اسبابها النابعة من زبائنية وهواجس النظام السياسي الحالي. والكل فاهم اللعبة (سيكون لي مقال في هذا المجال). لا تستطيع أن تقول للناس: "ولك تركوهن!" وتتوقع أن يكرج الشعب وراءك مزغرداً. فيك تأمن للمواطن الثائر شغل اليوم إذا ترك ولي نعمتو؟ هلق حطلي المثالية على جنب وخود هالنقطة:  "بلكي أنا تركت زعيمي والآخرين تعربطو بزعاماتن؟ بكون أكلت الضرب! لأ خليني أنطر تا هوي يترك ساعتها بترك"  هيك المواطن رح يفكر ورح يضل هوي ناطر وإنت ناطر.

إذاً فكرة المباطحة نساها. في مصر وتونس كان الدكتاتور واحد والشعب واحد في المواجهة. في لبنان إنت واحد والقيادات متعددة ولكل زعيمٍ شعبه. حابب تعمل عنتر على طريقة "وإذا! بدي دعوسن كلن!" إتكل على الله ومنسجلك شهيد النزق الثوري. منرثيك شوي لكان إجا وقت الغداء. وشاورمة؟ شاورمة!

لماذا نصر أن نبدأ دائماً بمنهجية مصارعة تضع الجميع في خانة التجاذبات؟ هناك أمر أساسي يشكل أكبر إجماعٍ على مساحة الوطن. الكل مقتنع أن النظام السياسي الحالي لا يلبي طموحاته. فالنبدأ من بقعة الضوء المشتركة هذه. وقد ذكرت سابقاً أن المشكلة في النظام وليس في الأشخاص. لنعتمد مساراً علمياً واضحاً وفق التسلسل التالي:

١)  ما هو النظام الأمثل لبناء دولة لبنانية معاصرة؟ وليكن جوباً مجرداً عن كل الملفات الساخنة ومراكز القوى الراهنة. هو سؤال للمستقبل. كما ذكرت سابقاً لقد طرحت نموذجاً في مقالٍ سابق، فاليكن قاعدة نقاش قد نصل بعده إلى تصور مختلف بشكل جذري عن الطرح الأساس.

٢) نحتاج أن نتواصل مع الجميع. كما ذكرت سابقاً أي طرح لا يستجيب لكل الهواجس لا يصلح كنظامٍ للبنان. فأنا مثلاً مؤمن -حتى اللحظة- أن طرحي المذكور فيه مصلحة للكل وجاهز لأي مناقشة في هذا المجال. من المهم الجلوس مع حزبيين من كل الجهات والنتوافق كأفراد على رؤية مشتركة. 

٣) عند الوصول إلى طرح موحد، فاليذهب كل حزبي لنقاشٍ داخل كوادر حزبه. وهي فرصة لإصلاحات على مستوى الأحزاب لأقلمتها وعصرنتها مع تحديات ومتطلبات مرحلةٍ جديدة. والننطلق حينها في كل إتجاه نلتقي صحفيين، مسؤولين، جمعيات، كل من هو على إستعداد للإستماع. والنقم ندوات في الجامعات واليصل الصوت إلى حيث أمكن. 

أجمل ما رأينا في مصر هو نزول شعب كامل تحت علم واحد هو علم مصر. فكان التغيير. في لبنان يبدأ التغيير عندما ينزل كل أطياف المجتمع اللبناني على اختلافاتهم وخلافاتهم رافعين اعلامهم الحزبية ليعلنو توافقهم على رؤية مشتركة لنظام سياسي جديد يختلفون تحت سقفه ولا يختلفو عليه. حينها فقط يتولد إستعداد متنامي عند كل مواطن للإستماع إلى صوت التغيير دون أن يشعر أن في ذلك خيانة لحزبه أو منطقته أو الطائفة.

حلمي أن نعقد ندوات في هذا الإتجاه في النبطية بالتنسيق مع حركة أمل وحزب الله، وندوات في بيروت بالتنسيق مع تيار المستقبل وفي المتن بالتنسيق مع القوات اللبنانية والتيار الوطني الحر، وفي الجبل بالتنسيق مع التقدمي الإشتراكي والحزب الديمقراطي ومع المردة في زغرتا ومع الأحزاب ذات الحضور الوطني العام كالشيوعي والقومي وعذراً على عدم ذكر الجميع. صدقوني إمكانية حصول ذلك هي أكبر بكثير مما يظن البعض. بل له من المؤكد أن إمكانية حصول تغيير وفق هذه المنهجية هو أكبر بكثير من أي وسيلة أخرى!

كفانا كرهاً في هذا البلد. ولمرة واحدة فاليتوقف كل طرف عن الهجوم على نواقص وأخطاء الأخرين ولننظر لمرة نظرةً صادقةً في المرآة بمعزل حتى عن وجود الآخر. سيأتي اليوم الذي يكتب فيه تاريخ البلد على فداحته لنتعلم منه دروساً. ما نحتاجه الآن هو نظام يحافظ على كل المجتمع بكل شرائحه بمعزل عن أخطاء التاريخ. لنخرج عن ذاتيتنا وأنانيتنا والنفعل ما من شأنه أن يهبنا مجداً يفتخر به اولادنا والأجيال.

ما نحتاجه هو أن ننجز للمرة الأولى في تاريخ لبنان نظاماً سياسياً تتم صياغته داخل الحدود اللبنانية وبواسطة اللبنانيين. يبدأ فعل الولادة من القاعدة ويفرض نفسه على أعلى الهرم. والبداية هي أن نتوقف عن تحويل القيادات كلٌ إلى نصف الاهٍ ونصف. فالنحدد ما نتوافق عليه والنتواصل مع القيادات التي ضحى الشعب في الماضي ليصنعو هم ماضيهم وحان الوقت الآن أن يضحو هم ليصنع الشعب مستقبله.

3 comments:

  • me said...

    Nice Article, I totally agree with the first half. However regarding the second half the problem is that "we don't want a sectarian system" is not what all the Lebanese are saying, and not all of them want a modern Lebanese state. Many are those who do not care about the notion of the Lebanese state and who are taken to a far extent with the sectarian dimension of their presence. Many are those who are happy with the current system they're glad with the authority and the benefits it gives them and don't give a damn about the notion of the lebanese state, they will become insignificant in a strong state with prevailing institutions (and that's the case of all of the members of the political club who is ruling lebanon) so they're happy with what exists now but what is bothering them is the presence of their opponents and they're seeking to weaken them as much as possible, which brings us to the first half of your article, convincing people that this leads to nowhere is essential to move forward.

    We need awareness campaigns to push the people to wake up and walk out of the rotten swamp in which we are today. And that's in my opinion the dictator that should be toppled in Lebanon, sick convictions and blind considerations and a political culture that we've been inheriting generation after generation since the 19th century.
    from this perspective, I'm fully supporting the movements happening on the ground as long as they continue on being made with smart simple tactics and that they continue to grow in momentum, showing people that there's an alternative on the ground and giving them food for thought and questions to ask and issues to discuss other than the 14 and 8 of march rhetoric is an important first step, and the rest is a painful long way of patience and hard work.

  • Al Jareedah said...

    Thanks, Rany. I do believe all the parties are feeling the crisis, the survival of this regime will not serve any (neither leaders nor people). The trick here is to create a good argument while approaching them all. I will write a series of articles about this in the coming days, stay alert!

    Regarding the current movement, today I will have a critical post about it. I support it as well, to an extend. But now they need to upgrade their strategic approach.

  • me said...

    Ya zalame all the parties are feeling the crisis but they're not feeling they're part of it, the blame it on the other and want to have more power, it's a disgusting situation. And unfortunately this regime is serving all those in power in lebanon, they won't prevail politically and financially as they're doing now if it changes.
    And the crazy thing is that despite everything, they managed to keep the situation sustainable it's been almost 40 years and lebanon has been surviving on blood donations from left and right, that's their game. But not for too long, economically (and I don't mean financially, finances will always be doctored by competent ppl) we're on the edge, expect a spike in the crime rates in the upcoming months. The situation is becoming unbearable.

Post a Comment