ما أن إرتمت تسونامي التغيير في أحضان أم الدنيا، مصر، حتى اندفعت القبائل اللبنانية إلى منحدرات التحليل والتأويل،والكل مكرٍ مفرٍ مقبلٍ مدبرٍ كجلمود صخرٍ حطه السيل من علي! تداخلت ألوان قوس قزح السياسة بين وجوهٍ اصفرت بغبطةٍ مستبشرةٍ بالنصر القادم، ووجوهٍ إزرقت مهللةً لرفاق الكفاح.
تابعت تلفزيون المنار مثلاً، بشكلٍ متقطع، لا لتقصي حقائق بل إنطلاقاً من هوسي بتحليل سيكولوجية الرأي العام اللبناني ومنهجية التيارات السياسية التي تعيد تشكيله يوماً بيوم.على مدى أسبوع كامل من التحليل القومجي، بالكاد تطرق احدهم للأبعاد الإجتماعية والإقتصادية للثورة المصرية الراهنة. الموضوع كله مرتبطٌ بموقف النظام "المبارك" من إسرائيل، والصهيونية، وأمريكا، وماك دونالد وال ك أف سي !
كما أن متابعة الجبهة السياسية المقابلة في لبنان، يظهر رغبة جامحة لنسج أسطورة جديدة على طريقة سعيد عقل، تجعل من الثورة المصرية إمتداداً للثورة اللبنانية التي قادها وليد جنبلاط زغلول، وسمير جعجع عرابي وطبعاً سعد الحريري نحاس. ولا يقتصر الأمر على إنقاذ مصر، فهذه محطةً مفصلية للقفز بعدها للأهم، وهو تحرير سورية . وكما قال غاندي يوماً:"بدنا التار وبدنا التار، من لحود ومن بشار...قرد أفعى ميكي ماوس..."
للأول نقول، مصر تقرر. لا يريد ثوار مصر نقلها من معسكرٍ لمعسكر، بل يريدون-ونريد- لها أن تكون هي الأصل والفصل والمحور.
وللثاني نقول، لا يمكن إعتبار هذه الثورة ثورتك مادمت تتبع وتدعم قيادات لبنانية التصقت حتى العظم بالنظام المصري "المبارك". يابياض ياسود!
وطبعاً، من هم هؤلاء الديمقراطيون اللبنانيون الذين يحاضرون بالعفة وتداول السلطة؟ جبلي ليستا بأحزابن تشوف...
كفانا إهانةً لنضال الشعب المصري. هذه ثورة تغيير نموذجية تتخطى بنضوجها ورؤيتها الوطنية أي شيء لمسناه أو حتى حلمنا به في لبنان. مزيج من فوران إجتماعي لشعبٍ وحده الألم والأمل، ومشاعر وطنية عارمة تريد لوطنها دوراً عالمياً فاعلاً ينسجم مع تطلعات ابنائه، كل أبنائه. هي ثورةٌ للشعب الذي نسف لعبة سلطة ومعارضة عبثية ضمن نظامٍ أدمن اللعب على التناقضات. هو شعب إندفع ميمماً وجهه تجاه المستقبل تاركاً خلفه كل قيادات الطحالب لاهثةً تحاول اللحاق بركبٍ ما عاد ينتظر رموزاً وزعامات وزعانف.
هي ثورةٌ نتعلم من نجاحها -بغض النظر عن النتاج النهائي- ونضيف الخبرة المكتسبة من التجربة المصرية إلى دروس تجاربنا الفاشلة لنأسس مشروع وطني واقعي وحقيقي بعيداً عن الأمجاد المصطنعة والخطابات المتصنعة.
أرى الصفر والمتصفرنين -أعداء النظام المصري- ينتظرن نصر الثوار فيجيروه نصراً لهم ولمحورهم ومشروعهم. فإذا هزمو إستغل الصفر تضحيات الشعب المصري لاستثارة واستثمار أزلي يبدأ ولا ينتهي.
أرى الزرق والمتزرقنين يراهنون على وجهي العملة. فوز النظام هو فوزٌ لحلفٍ عالمي يخدمونه، وفوز الثورة وقوداً يستعملونه في موقد مصالحهم ونزواتهم. العابرة للحدود دون حساب رد الفعل.
قيادات الثورات اللبنانية المختلفة المتخلفة تقف اليوم بكوادرها وقفة فخر الدين على التل في معركة مرج دابق بين المماليك -سادته القدامى- والعثمانيين -القوة الصاعدة. ينتظرون انجلاء غبار المعركة عن الرابح ليرمح أمراء لبنان يدوسون بسنابك خيلهم الأجساد الميتة وليرقصو رقصة النصر تبركاً وتذللاً لأسيادهم الجدد. فما أشبه اليوم بالأمس .
أما مصر، فهي اليوم أكبر من هذا وذاك. تجربةً فريدةً نتوجه نحوها بتحية احترام، ونشعر من خلالها بالخجل.
4 comments:
ممتازة
في لبنان التسييس هوس اللبناني
يعني اللبناني بيفكر انو هوي محور العالم وكل العالم بيدور حولو
للاسف في ناس بتسخف معنى الثورة في مصر حتى في ناس حرمتها على اعتبارها من صنع ايادي خارجية هدفها اقصاء طائفة في لبنان... تخيل لوين وصل التحليل
انه هوس اللبناني
مقال مهم جدير بالقراءة ، وانا مع رأيك بمقاربة الموضوع مئة بالمئة،
و انا مع سلمان و معك بكل كلمة... كتير مهم تحليلك
I hope they can make it work...
I agree that we shouldn't consider this an extension of our own political aspirations. This has nothing to do with us. It's all Egyptian.
Also, I really liked the sarcastic approach to some parts of the situation :)
I loved the tone of the article, and I totally agree with you, no need to analyze any further, it's a hopeless situation in lebanon until the lebanese ppl grow brains.
Post a Comment