الدولة اللبنانية وأحلامي الأفلاطونية

Thursday, January 27, 2011 0 comments

لا بد لكل لبناني متابع لعواصف التغيير نحو الديمقراطية في الشرق الأوسط أن يتساءل: هل سيأتي اليوم الذي يصنف فيه النظام اللبناني بالأقل ديمقراطية والأكثر رجعية في الوطن العربي؟ كان من المفترض أن تكون مقالة اليوم عن خارطة طريق التغير في لبنان، وخاصةً أن الحالة اللبنانية فريدة ولا يمكن مقاربتها بأسلوب مستنسخ عن النسخة التونسية أو المصرية. ولكني ارتأيت ضرورة البحث في "أي تغيير نريد؟" كحاجة تستبق البحث في وسائل التغيير وخطواته. فكانت هذه المطولة!


 بدايةً وللتوضيح فقط، تعبير الأفلاطونية هو نسبةً لمدينة أفلاطون الفاضلة. فلا يظنن أحدكم أن أفلاطون قام حقاً قام، متلبساً جسد مدونة انترنت-تية. أفلطونيتي ومدينتها الفاضلة، ليست إلا نزق الحلم الوطني الذي يتملك من أنهكه شقاء الوطن.

اسمحو لي أن أقططع فقرة من أول نص نشرته على هذه المدونة، كمدخل لموضوع هذا المقال:

هل هناك إمكانية حقيقية للتغيير؟ 
إن السوأل بذاته جريمة. وهي جريمة رافقت كل منعطفات التغيير الكبرى عبر التاريخ الذي أثبت عبثية وسذاجة هذا التساؤل مرة بعد مرة. الجريمة ليست في السؤال بل في كونه جواباً ضمنياً يقدم مبرراً لعدم المحاولة، أو الإكتفاء بجولةٍ أولى من المواجهة هدفها إثبات عدم القدرة أكثر من كونها خطوةً جدية ومخلصة في الطريق الصحيح. لا حق لنا أن نطالب مسؤولاً متنفعاً منتفعاً من النظام القائم أن يزهد بنفسه وذاتيته واكتفائه في سبيل الوطن حين يتردد المواطن المتضرر المكوي المذبوح من هذا النظام عن لجم ذاتيته جانباً للتصدي والمواجهة دون شروط مسبقة ودون ضمانات.  
منهجية التغيير يجب أن ترتكز على استراتجية واقعية لا على أماني وتمنيات. البداية في تحديد الهدف بصورة واضحة لا تقبل التأويل. لا يكفي القول بأن الموجود سيئ - فهذا مفروغ منه بإجماع اللبنانيين. المطلوب هو طرح بديل واضح ومفصل. إنه الحلم الذي يراه المواطن ويتلمسه من خلال الطرح، حقيقةً مقبلة تدغدغ الثورة الراقدة بين أضلاعه وتناديه بإلحاح كي يلقاها أو تفوته. هو بديل يشعر كل مواطن بالإطمئنان بأن الدولة بصيغتها المطروحة قادرة على احتواء هواجسه في الإطار الوطني العام. ومن ثم تحديد آلية الوصول إلى الناس -احزاباً وأفراد - لشرح القضية. وتسهيل الية اللحاق بهذا الركب بأقل التضحيات الممكنة. 
إذاً، المشكلة في لبنان ليست في نوايا وعزيمة دعاة التغيير ومريديه، بل في منهجية الوصول إلى الهدف والبدائل المطروحة التي تنقل نداء التغيير من سلبية الطنظير العبثي الداعي لهدم الهيكل (ومنشوف بعدين شو منعمل)، إلا إيجابية التبشير بنضوج رؤية وطنية واضحة تنظر في عين المواطن بثقة وتدفعه للتأمل والمفاضلة بين المطروح والموجود.
سأترك آلية التغيير إلى مقال آخر. التالي هو طرح لأحد نماذج الحكم التي تسكن دولتي اللبنانية الفاضلة. مع التنبيه أن الآلية المعتمدة هنا، تنسجم مع فرادة الحالة اللبنانية وخصوصياتها.


خارطة طريق لدولة لبنانية تليق بأبنائها

١) فلسفة النظام:


- تحديات التنوع: إن فلسفة النظام اللبناني الحالي تعتمد -نظرياً- على حماية التنوع بحيث تتمثل كل الفئات اللبنانية في السلطة وصناعة القرار. غير أن أهم مساوئ هذا النظام أنه يخلط بين مبدأ المشاركة ومبدأ المحاصصة. المحاصصة هي الإستحواذ الحصري على جزء. إما المشاركة فهي المساهمة المتوازنة في كل. وبما أن الوطن بطبيعته كلٌ لا يتجزأ، فالمحاصصة بمنهجيتها داءٌ يصيبه في المقتل.
إن النظام المثالي للبنان يؤمن بالتعددية على حساب العدد. كما يؤمن بالقيمة الوطنية المضافة للتنوع على حساب الكم. غير أن الأهم، هو صياغة مشروع وطني يحول هذه الميزة إلى مصدر تشابكٍ وتلاحم، بدل إن تكون سبب اشتباكٍ وتخاصم.
لا يمكن تحقيق ذلك في نظامٍ يعزز القوة التجييرية والنفوذ السياسي من خلال العزف على وتر مناطقيٍ أو طائفي أو فئوي. نظامٌ كهذا يفرض على الأحزاب صياغة استراتجيتها السلطوية (وكل احزاب العالم تسعى إلى السلطة) بالتناغم مع خصوصياته وعصبياته. حين يصبح الخطاب الوطني الجامع ضرورةً حتميةً في لعبة السلطة، تتأقلم الأحزاب بفكرها وممارستها مع النظام الجديد.

- تفعيل السلطة التنفيذية: إن السلطة التنفيذية هي إدارة الإدارات في الدولة. المشكلة في النظام الحالي، هي أن السلطة التنفيذية (الحكومة) تحولت إلى لجنة مصغرة تمثل توازنات البرلمان. وهو بدوره (البرلمان) لجنة موسعة يمسك بخيوطها زعيمين سياسيين أو ثلاث، وهم بدورهم متحصنين ومحاصرين بمعادلات إقليمية ودولية. وبالتالي فتزفيت طريقٍ فرعيٍ، يتحول إلى ورقة في صراع دول كبرى على الساحة الإقليمية.
في بلدٍ يستشعر تخلفه عن ركب العصر ومتطلباته، هناك حاجة حقيقية لسلطة تنفيذية أكثر رشاقة وقدرة على العمل اليومي في قضايا الشأن العام بمعزلٍ عن الاستراتجيات والمعادلات الكونية.
- حماية الديمقراطية من الإحتكارات: إن كان هذا الخطر هو من أهم ما يعصف دمقراطيات الدول العظمى، حيث تستأثر حفنة من كارتلات السلطة والمال على صناعة الرأي العام وتحديد مسارات السياسة، فإنه لمن الطبيعي التنبه لهذا الخطر في بلدٍ صغيرٍ كلبنان. من الضروري إيجاد نظامٍ يؤمن تكافؤ الفرص لكل اللبنانيين للوصول إلى أعلى الهرم بمعزلٍ عن طبقتهم الإجتماعية. فالإدارة السياسية العامة هي شرف، ومسؤولية، وكفاءة، ووظيفة عامة لا يجوز أن تكون حكراً على أصحاب المال أو من يرعاهم أصحاب المال. 
- الفصل الجذري بين السلطات: إن الفصل بين السلطة التنفيذية والسلطات التمثيلية والتشريعية أمر لا بد منه للأسباب الآنف ذكرها. كما أن هذا الفصل يضمن وضوح المسؤوليات مما يساعد الشعب على المراقبة والمحاسبة. يجب فصل أي إرتباط عضوي بين هذه المؤسسات واليكن الدستور والقانون هو الرابط الوحيد بغض النظر عن الأحجام المتأرجحة لمراكز القوى في أي سلطة.
وسأشمل السلطة القضائية ببعض المقطرحات لاحقاً. 
- ضمان التمثيل الوطني وضرورة تجديد الطبقة السياسية: يجب أن لا يشعر أي مواطن أنه خارج دائرة التفاعل مع النظام السياسي تشكيلاً وممارسة. كما يجب أن تحوي جينات النظام السياسي خميرة التجديد المستمر للطبقة السياسية لضمان حيوية دائما للحياة السياسية، ومعاصرة حثيثة للأجيال القادمة.
هذا بعض من كل. والتالي رؤية لنظامٍ سياسي يخدم ما سبق.


٢) السلطة التنفيذية 


إن من ضرورات النظام الديمقراطي البرلماني، وجود احزاب أساسية ذات قدرة تجييرية كبيرة بمقاييس وطنية تمكنها من نيل أكثرية برلمانية موصوفة وتشكيل حكومة منسجمة تنفذ البرنامج الإنتخابي الذي نال الحزب ثقة الناخبين على أساسه.
تشتت القوة التجييرية الشعبية بشكل متوازن بين الأحزاب يضعف السلطة التنفيذية تلقائياً. إن أهم نماذج هذه العلاقة المتضاربة نجدها في الأنظمة البرلمانية التي تعتمد نظام التمثيل النسبي. ففي حين أن القانون النسبي يؤمن مستواً عالياً من عدالة التمثيل البرلماني، إلا أنه يحول الحكومة المنبثقة عن هذا التمثيل إلى بزارٍ لتبادل المصالح وسوق مساومة تحكمه وتضمن استمراريته مزاجية التشكيلات المتضاربة في البرلمان.
لبنان بعيد كل البعد حتى عن التفكير في نظام نسبي سليم (بكل سيئاته). وأنا لا أريد أن أدخل في النظريات المطروحة في كواليس النظام القائم والمرتكزة على التمثيل النسبي في إطار المحاصصة الطائفية. وينتابني الفضول لأتصور طبيعة السلطة التنفيذية المنبثقة عن تجزيء المجزأ على المستوى التمثيلي. غير أن كفري بالنظام القائم بكله وكلكله يجعل النقاش فيه مضيعةٌ للوقت.


الحيثيات والنتيجة: في غياب الخيار الذي يستولد السلطة التنفيذية من رحم البرلمان، وإصراراً على الفصل التام بين السلطات، وتعزيزاً لدور الشعب في صناعة السلطة والمساهمة المباشرة في صناعة القرار السياسي، وضماناً لفعالية السلطة التنفيذية، لا بد أن يختار الشعب رئيس الدولة ورأس السلطة التنفيذية بالإنتخاب المباشر. فيشكل إدارته التنفذية مستنداً على الثقة التي منحة اياها الشعب. أما دور المجالس التمثيلية في المساءلة والمحاسبة والمراقبة، فسأعود إليه حين اتحدث عن تلك المجالس.


إنتخاب رئيس الدولة: إن الهاجس الأول -وقد يكون الوحيد- للإنتخاب المباشر المذكور أعلاه هو المحادل المناطقية والطائفية والتجييش المذهبي المفترض، وهو هاجس مشروع إلا لمن يريد إدعاء طوباويةً لا تبني دولة ولا تؤسس نظام. 
ومن هنا تأتي آلية تشكيل السلطة (وفلسفة النظام المذكورة آنفاً) لتقدم منهجية مختلفة تؤسس لثقافة وطنية جامعة. لقد فكرت ملياً في أنسب أسلوب لشرح آلية الإنتخاب، ووجدت أن الطريقة المثلى هو تقديم سيناريو إفتراضي يعايش التجربة بالقدر الأمكن من الواقعية.


*الدوائر الإنتخابية وطبيعة الإنتخاب:
لنفترض أن لبنان مكون من الأقضية الست التالية (للتسهيل):


الضنية، النبطية، الهرمل، جبيل، كسروان،عكار


كلٌ من الهرمل، كسروان، وعكار تنال ١٠٠٠٠ منحة تمثيلية (ستتضح في سياق البحث - وهي مستوحاة من نظم موجودة)، في حين تنال كلٌ من الأقضية الباقية الأصغر حجماً  ٥٠٠٠ منحة.

 **عملية الإنتخاب:
يصوت الناخب لمرشح واحد لرئاسة الدولة. يفوز المرشح الذي ينال العدد الأعلى من منح الثقة في كل الأقضية. والتالي نتيجة افتراضية للمرشحة "أرزة"
نالت المرشحة أرزه:


٢٠٪ من اصوات ناخبي قضاء الهرمل وبالتالي ٢٠٪ من منح القضاء= ٢٠٠٠ منحة.
١٥٪ من اصوات ناخبي قضاء كسروان وبالتالي ١٥٪ من منح القضاء=١٥٠٠ منحة.
٢٥٪ من اصوات ناخبي قضاء عكار وبالتالي ٢٥٪ من منح القضاء= ٢٥٠٠ منحة.
١٢٪ من اصوات ناخبي قضاء الضنية وبالتالي ١٢٪ من منح القضاء= ٦٠٠ منحة.
١٧٪ من اصوات ناخبي قضاء النبطية وبالتالي ١٧ ٪ من منح القضاء= ٨٥٠ منحة.
١٤٪ من اصوات ناخبي قضاء جبيل وبالتالي ١٤ ٪ من منح القضاء= ٧٠٠ منحة.


وبالتالي فتكون المرشحة قد نالت ٨١٥٠ منحة تمثيلية. تحتسب أرقام كل المرشحين ويفوز المرشح الذي ينال العدد الأعلى من منح الثقة. ويمكن زيادة شرط للفوز أن ينال المرشح ثلثي المنح ليتجنب دورة ثانية بمواجهة المرشح الذي حل في المركز الثاني، وفي ذلك ضمان إضافي لصحة التمثيل وقوته في منصب يتمتع بهذا القدر من الصلاحيات.


* عملية الترشح:
يحق لأي لبناني أتم الخامسة والعشرين من العمر أن يترشح لرئاسة الدولة، شرط أن ينجح في جمع ٢٥٫٠٠٠ توقيع لمواطنين يصادقون على ترشيحه. ويتم هذا التوقيع في مراكز الأقضية على مساحة الوطن. لا يحق للناخب أن يزكي أكثر من مرشح واحد.
* إدارة العملية الإنتخابية
تتشكل لجنة خاصة لإدارة وتنظيم العملية الإنتخابية بإشراف مباشر من مجلس القضاء الأعلى ومراقبة المجالس التمثيلية (شرح ملخص لاحقاً).
* التمويل الإنتخابي والإدارة:
تؤمن الدولة من خلال ميزانيتها والتبرعات التي يقدمها القطاع الخاص من مادية وعينية الدعم الأولي لحملات المرشحين. في حال أراد أحد المرشحين زيادة ميزانية حملته بتمويل شخصي فيتوجب عليه تمويل الميزانية العامة للإنتخابات بمبلغ يساوي الزيادة المقترحة، ويتم توزيع هذه المبالغ المتراكمة بشكل تصاعدي بحيث ينال المرشح بالميزانية الأولية الأدنى تمويلاً -نسبياً- أعلى.
علماً أن تمويل حملات المرشحين لا يتم بمبالغ نقدية، بل إنفاق مباشر من قبل مديرية الإنتخابات على الحملات كافة. حتى التمويل الشخصي (الإضافي) يتم ايداعه في حساب خاص تحت إشراف مديرية الإنتخابات. كما يحظر على أي طرف ثالث دعم أي مرشح مادياً أو عينين أو لوجستياً خارج نطاق مراقبة مديرية الإنتخابات.
يتم التصديق على ميزانيات الحملات الإنتخابية المختلفة قبل ثلاثة أشهر من موعد الإنتخاب. ويتم التدقيق في عدالة التغطية الإنتخابية وتحتسب تكاليف الظهور الإعلامي ضمن التكاليف العامة لحملة المرشح، ولا يجوز أن تمايز أي محطة في الشروط المالية بين مرشح وآخر. وفي حال قررت أي مؤسسة إعلامية استضافة مرشح ما، فهذا يلزمها بإستضافة باقي المرشحين في أوقات تتناسب من حيث عدد المشاهدين ونوعيتهم. ولا يحق للمؤسسة استضافة مرشح واحد، بل يتوجب وجود مرشحين على الأقل يتقاسمون الوقت بعدالة، كما لا يجوز إستقبال نفس المرشحين -معاً- تكراراً في برامج تلفزيونية بل يجب المداورة إلا إذا تعذرت. فمن الضروري أن تصل الحقيقة للناخب كي يحسن الإختيار، وذلك لا يكون إلا عبر المناظرة. 
الهدف من كل ذلك محاربة البروباجندا المضللة. فالديمقراطية هي حق المواطن في إختيار من يراه الأفضل بين المرشحين. هذا الأمر لا يتحقق بشكل سليم إلا إذا اتطلع المواطن على وقائع وحقائق. كما أن الديمقراطية تفرض تكافؤ الفرص كضمانة لتظهير كل الكفاءات وتقديمها لخدمة الدولة والمجتمع.
مختصر السلطات الأخرى:


مجلس النواب
يحق لأي مواطن يتمتع بالأهلية القانونية الترشح والترشيح. تتم المرحلة الأولى على مستوى الدوائر الصغرى (صوت واحد لكل ناخب) ويتأهل للدورة الثانية كل من نال ٢٠٪ من أصوات دائرته (إثنين على الأقل) أو الأول والثاني إذا تعذر الشرط الأول. وتتم المرحلة الثانية على أساس لبنان دائرة إنتخابية واحدة.
مجلس النواب مجلس تشريعي بامتياز مهمته تطوير الأنظمة والقوانين العامة ومراقبة عمل السلطة التنفيذية. وفي حين أن السلطة التنفيذية لا تحتاج أن تعود للمجلس في أي أمر لا يحتاج تعديلاً للقانون العام، فإن مجلس النواب يتمتع بحق نقد قرارات السلطة التنفيذية بتصويت ثلثي اعضائه أو بتصويت أكثرية المجلس مع ثلثي أصوات مجلس الشباب.


مجلس الشباب 
يحق لكل مواطن بلغ سن السادسة عشر ولم يتم الخامس والثلاثين أن ينتخب. ويستطيع الترشح حين بلوغه الواحد والعشرين. يشكل هذا المجلس مسرحاً للتجديد السياسي في الدولة ويبقي مؤسساتها مواكبة للعصر بمتغيراته. 
على مستوى النظام، وإلى جانب تنسيقه مع مختلف ادارات الدولة عبر لجانه، يشكل هذا المجلس رافعة لا يمكن الإستهانة بها. فكما ذكرنا سابقاً فهو بتصويت ثلثيه يقلب الأكثرية التقريرية المطلوبة في مجلس النواب من الثلثين إلى النصف. كما أن رئيس الدولة بحاجة لثلثي مجلس الشباب لحل مجلس النواب. كما يحتاج مجلس النواب إلى ثلثيه ونصف مجلس الشباب لحجب الثقة عن رئيس الدولة والدعوة لإنتخابات مبكرة.


القضاء:
لا يمكن تأسيس نظام سياسي عصري دون قضاء مستقل ذو سلطة فاعلة. استقلالية القضاء تشمل الإستقلال الإداري، والإستقلال المالي.
أهم سمات الإستقلال الإداري هو إلغاء أي دور للسلطة التنفذية في الجسم القضائي لا من حيث التعيينات ولا المناقلات ولا الترفيع... يجب أن ينتج الجسم القضائي آليته الخاصة في تشكيل مجلس القضاء الأعلى، والتعيينات القضائية وغيرها دون الرجوع إلى أي من السلطات الأخرى.
أما الإستقلال المالي، فهو لا يقل شأناً عن الإستقلال الإداري. يجب ألا تكون ميزانية القضاء جزءًا من الميزانية العامة التي تقررها وتديرها السلطة التنفيذية. من الضروري أن يستقل القضاء بموارده المالية تحت إشراف (إشراف وليس إدارة) مجلس النواب. فبدل أن تجبي السلطة التنفيذية كل رسوم الدولة ثم تقرر ميزانية القضاء، يجب فرز بعض هذه الرسوم لتدخل مباشرةً في حساب خاص في مصرف لبنان ينفق منه الجسم القضائي وفق آلية واضحة. 
كما أنه لمن الضروري صياغة قوانين تحدد أساليب التنسيق والتكامل بين السلطات القضائية والسلطات الأمنية كافة، أيضاً وأيضاً بالحد الأدنى من التقاطع مع مسارات السلطة التنفذية. 

0 comments:

Post a Comment