إن متابعة نبض الشارع اللبناني هذه الأيام، عبر الوسائل المتوفرة -كوني خارج لبنان حالياً- هو تجربة مؤلمة. لذا خلينا نلبنن المقال شوي ونرفع التكليف. "شو الموضوع؟" وأنا فعلاً أريد منك أيها اللبناني المحترم أن تثقفني وطنياً (صبرك علي أنا قليل ثقافة ولمؤاخذة). وبدك تخبرني غصبنعنك إنت مستنفر على شو؟ وعلى مين؟ خبرني "من شان شو" بس مش بالصيني، دخيل عرض مدونتك (عم حلفك بالغاليه!)، ولا حتى تجاوبني بكلام صنع في لبنان، مع احترامي الشريد لصناعة الكلام اللبناني بس موادها الحافضة مضروبي وبتعفن أول ماتدخل المخ. بالمختصر، خرطلي من راسك المستنير موقفك أنت وفق مصالحك أنت. له لحظة! روق، حلك تبلش؟ ما تحكي إذا معدتك مكزوزي وجبينك معصور (لاحظ!)، هاي(ولمؤاخذة يعني) عوارض هضم واشترار ما قيل لك. انسى التلقيمي اليومية ووجبات الصياح والنواح. بدك اتمشى شوي، بس بألب الغرفه (الشارع خطر فكري) وبعد ما تغطي البوسترات اياها لمشلئحها ورق جدران. تمدد وبحلق بالسقف -الخيرية ما في لمبة مضوية تخربش تركيزك - اعتبرني طبيبك المتنفسي (وكل لبناني بحاجه، وهي من علامات العظمة). هيت لنشوف!
ما يحصل في لبنان هذه الأيام يذكرني بجنون ايار ٢٠٠٨ . خطابات تمرجحت بين سيادة الدولة والتصدي للعملاء. فجأةً أصبح حزب الله وحلفائه خطراً وجودياً على الكيان وقطرة يورانيوم مخصب في مفاعل الفتنة الأهلية، وأصبح تيار المستقبل وحلفائه عملاء امبرياليين نهبوا ثروات البلاد والعباد ودمرو الإقتصاد. صار أبو عبد البيروتي عضو في الماسونية العالمية وأبو صطيف أندر كفر أجنت بالموساد. وصارت زينب (أي زينب) مقاتلة تابعة للباسيج وجعفر صار مسؤول كسوف الهلال الشيعي في المنطقة. واللبناني طبعاً وتطبعاً عندو نخوه. يا باطل! فالتسل السيوف وهيا إلى المذبح الوطني المقدس. لكان! في وطني لبنان بالدق! ونسي اللبنانيون أن نفس المتراشقين بالكلمات حينها كانو معاً فيما مضى، فلا هؤلاء جاءهم طفح جلدي من رائحة يورانيوم "اشقائهم في الوطن" ولا اهدر أولئك دم أبو لعبد عندما سرق نارة أبو صطيف.
وبينما أحبار التنظيم السياسي اللبناني يتقافزون على المنابر ويتقاذفون الكبائر. وكلٌ على قطيعه نصف الاهٍ ونصف، حطت طائرة قطرية ملوحةً بحطة شيخ قطر، فتقاطر المتألهين قطيعاً متدحرجاً زرافاتٍ ووحدان، تتراطم أمواج هالاتهم وهاماتهم متكسرةً على العتبة الدنية من سلم الطائرة. ونقل الباص السماوي الشطار المقدسين خارج الدار إلى مكانٍ أسلم من كرنفال المذابح في أزقة لبنان وعروق ابنائه. وبينما كان اللبنانيون يرقصون رقصة الكاميكاز الدموية، يشطفون أشلائهم بدمائهم، كان السؤال المحوري في قطر "ولصيفي وين بتصوت؟". لم يحترم المجتمعون حتى مشاعر اللبنانيين (فضلاً عن تضحياتهم) فلم يتحدث الإتفاق الختامي (ولو كذباً) عن إصلاحات سياسية أو إقتصادية أو معيشية بحيث يشعر اللبناني المضمخ بالدماء في سبيل هذا أو ذاك أنه كان في الذاكرة، ولو لحين. في الإتفاق الختامي، لم يلتزم حزب الله وحلفاؤه بدعوة البرادعي للكشف على مطابخ زينب وجعفر للتأكد أن استعمال اليورانيوم هناك مقتصر على الطبيخ السلمي. ولا تعهدو بخصخصة الهلال الشيعي على طريقة الDowntown تحت إشراف أشراف سوليدر. لم يسلم تيار المستقبل وحلفاؤه أبو سطيف مخفوراً إلى السلطات الأمنية لوجود جهاز تنصت في النبطيه يعمل على خرخرة نرجيلته، ولا فتشو طربوش أبو العبد بحثاً عن طائرة إستطلاع إسرائيلية تتجسس على المقاومة. أما نارة الأرجيله التي لطشها أبو العبد فما زالت قضيتها قيد الدرس!
عادو بقانون إنتخاب يحفظ تنظيمهم السياسي المشترك. فتباوسو وتكابسو وتصافحو وتفاصحو ولكنهم أكدو إنه إتفاقٌ على مستوى القمة.فقط. إما الناس في الشارع، فلا ينطبق إتفاق ولاد الالهة على ولاد اللامؤاخذة. على الحقن أن يستمر "ورانا إنتخابات" فنتخبو وعادو من حيث بدأو. يلا منلأول: إنتخابات نيابيه نابيه، حكومة فخدة وطنية وابتسامات وقهقهات، وإذ!
"خطابات تمرجحت بين سيادة الدولة والتصدي للعملاء. فجأةً أصبح حزب الله وحلفائه خطراً وجودياً على الكيان وقطرة يورانيوم مخصب في مفاعل الفتنة الأهلية، وأصبح تيار المستقبل وحلفائه عملاء امبرياليين نهبوا ثروات البلاد والعباد ودمرو الإقتصاد. صار أبو عبد البيروتي عضو في الماسونية العالمية وأبو صطيف أندر كفر أجنت بالموساد. وصارت زينب (أي زينب) مقاتلة تابعة للباسيج وجعفر صار مسؤول كسوف الهلال الشيعي في المنطقة. واللبناني طبعاً وتطبعاً عندو نخوه. يا باطل! فالتسل السيوف وهيا إلى المذبح الوطني المقدس. لكان! في وطني لبنان بالدق! ونسي اللبنانيون أن نفس المتراشقين بالكلمات حينها كانو معاً فيما مضى، فلا هؤلاء جاءهم طفح جلدي من رائحة يورانيوم "اشقائهم في الوطن" ولا اهدر أولئك دم أبو لعبد عندما سرق نارة أبو صطيف."
الله يسامحك. جاك ملل (إذا حداً اسمو جاك ملل، لامؤاخذة)، جاك ملل اني كررت نفس المقطع مرتين ولم تمل بعد من تكرار نفس الحماقات مرة بعد مرة بعد مرة، وطبعاً ولا مؤاخذة يعني. يا أخي (وأختي أكيد، لأن جينات التهور الأعمى وبعد أن كانت ذكورية أصبحت -والحمد لله- رجالي ستاتي ولادي)، حاصلو، أنا خجلت من التكرار فغيرت لون الخط، وهذا أضعف الإيمان. والله مش راح ازعل منكم لو لتشعبط ب ٨ اذار هيديك الحلقة ينط ع ١٤ هالمرة واللي كان ١٤ يزحط ع ٨، تغيير جو. إلا إذا عنجد فاكر إنو هالقد فارقة.
هل اطلعت على الورقة التي لوح بها وليد جنبلاط في مؤتمره الصحفي؟ كل الأفرقاء والأفرماء أكدو وجودها بين موقعٍ عليها ومداول حولها. إذا كانت ما يسمى بالمعارضة مستعدة للتسويات على المستويات الإقتصادية والسياسية والأمنية كافة. وإذا كانت الأكثرية -إذا صح التعبير- جاهزة لتحديد تسعيرة المحكمة. إنت مال امك حامل السلم بالعرض ومش مصدق تؤطر عالدبكي! رح جن (بدون كحول)! ولمؤاخذة طبعاً...
لقد كررو ألف مرة أن "لبنان بلد التسويات". وطبعاً في التسويات هناك تنازلات ورابح وخاسر. المشكلة أنك تفرز الأطراف بشكل خاطئ يا عزيزي. القضية ليست ٨ و ١٤ كما لم تكن يوماً ٦ و ٦ مكرر، ولا ١/٢ ب ١/٢ أو ثلاث ١/٣ ولا حتى ٣,١٤١٧*R^٢ . كل من يدخل المعادلة السياسية اللبنانية وفق النظام القائم ينتسب بالضرورة إلى الطرف المستمتع بترف عدم الخسارة إلا بخيانة داخلية من أبناء النادي الواحد، نادي التنظيم السياسي. والسؤال الطبيعي هو: إذا كان كل أحبار النظام رابحين في التسويات، فمن الخاسر؟ راجع الدفاتر القديمة، وإنت وشطارتك.
من الآخر، وكما ذكرت في مقالي السابق، أنا من أول الدعاة لنضال وطني شامل. ولاكن الأساس هو وضوح الرؤية ومنطقية الأهداف. ليس المنطلق أن تسأل نفسك إن كنت مع المحكمة ذات الطابع الدولي، أو تؤيد سلاح حزب الله. هذه كلها نتائج لأصل أنتج هذا وذاك. نقطة البحث هي ببساطة: بغض النظر إلى أي حزب أو قناعة انتميت، هل أنت من مؤيدي هذا النظام السياسي المطوأف المدول؟ إن سبب وجود المحكمة الدولية أساساً هو فشل هذا النظام السياسي في تأسيس سلطة قضائية مستقلة يثق بها الجميع. إن عدم وجود دولة عصرية منذ إنشاء الكيان كان السبب وراء لجوء الفئات اللبنانية المختلفة إلى حمل السلاح على حساب الدولة وسيتدافعون إلى سباق تسلح أكثر فداحة ما دام هذا النظام قائماً. إن كانت هذه "الدولة" بشكلها الحالي ترضي طموحاتك، فمن الطبيعي أن تنكب على معالجة النتائج والتعاطي معها. أما إذا كنت كافراً بهذا التنظيم السياسي القبيح فأنت لست ملزماً بنتائجه لأن الأولوية هي تغييره، وعندها تتغير المنهجية والنتائج.
لك أن تختار. بين شرذمة الصف والتذابح الأبدي لحساب أحبار النظام واقطاعييه والموت من أجل حساباتهم ومستقبلهم، أو الوقوف صفاً واحداً في وجه هذه الدكتاتورية الطائفية المتعددة الأقطاب، وتحديد هدف واحد مباشر لا يؤول ولا يجزأ، ولا يؤجل ولا يشغلنا عنه شيء وهو تغيير النظام السياسي اللبناني بشكل جذري. وبعدها فاليعد كلٌ إلى حزبه ليصلحه ويطور منهجيته ويؤقلمه مع متوجبات الدولة العصرية، والمجتمع المتماسك، وثقافة الوطن الكلي.
3 comments:
وجهة نظرك سليمة وحبيت المنطق يللي حكم مقالتك. تشرفت بمعرفتك :)
التقدير متبادل
nice article, but u forgot how much ignorance is spread across the state, and when u combine it with poor economic conditions it yields religion (what else!) the lowest priced good. Selling hope for free gets ppl to pay up the high price later with blood.
Post a Comment